قررت أكتبلكم قصص متفرقة من كتاب أعجبني
الكتاب (#تاكسي - #حواديت #المشاوير )
الكاتب (#خالد_الخميسي)
القصة الأولى
يا إلهي!.. كم عمر هذا السائق؟ وكم عمر هذه السيارة؟ لم أصدق عيني عندما جلست بجانبه.. فإن عدد الكرمشات في وجهه بعدد نجوم السماء . تضغط كل كرمشة على الأخرى ب (حنية), وتصنع وجها مصريا نحته ((مختار)). أما يداه التان تضغطان على المقود فإنهما تتمددان وتنكمشان عبر شرايينها البارزة وكأن شرايين النيل تغذي الأرض اليابسة, مع رعشة خفيفة لا تحرك المقود يمينا أو يسارا ,فالسيارة تسير ثابتة إلى الأمام وتصدر من عينية المغطتينبجفنين عملاقين حالة سلام داخلي تبعث في وفي الدنيا الطمأنينة.
شعرت - بمجرد الجلوس إلى جانبه بفعل مجال مغناطيسي يصدرة -أن الحياه بخير. وتذكرت لسبب مجهول شاعري البلجيكي المفضل ((جاك بيرل)), وكم كان مخطئا عندما كتب قصيدتة الشهيرة وغناها تقول :((ما أحلى الموت مقارنة بالشيخوخة, وأن الموت بأي طريقة أفضل بكثير من الكبر)). لو جلس بيرل بجانب هذا الرجل كما أفعل أنا الآن لمسح قصيدتة (بأستيكة).
أنا: حضتك أكيد بتسوق من فترة طويلة.
السائق: أنا بسوق التاكسي من سنة 48.
لم أتصور أنه ييمارس مهنة قيادة سيارات الأجرة منذ قرابة ستين عاما.. لم أجرؤ على سؤالة عن سنه, ولكن وجدت نفسي أسأله عن النتيجة.
أنا: وإيه يا ترى خلاصة خبرتك اللي ممكن تقولها لواحد زيي, علشان أتعلم منها.
السائق: نملة سوداء على صخرة سوداء في ليلة حالكة الظلمة يرزقها الله.
أنا: قصدك إيه؟
السائق: أحكيلك حكاية حصلت لي الشهر ده علشان تفهم قصدي.
أنا: أرجوك.
السائق: عييت لمدة 10 أيام عيا شديد, ماكنتش قادر أتحرك من السرير , وأنا طبعا على باب الله يعني يوم بيومه معايا..
بعد أسبوع ماكنش فيه في البيت ولا مليم .. أنا عارف ومراتي مخبيه علي.. أقول لها هانعمل إيه يا ستي تقوللي الخير كتير يا أبو حسين وهي عماله تشحت الأكل من الجيران .. وأنا طبعا ولادي فيهم اللي مكفيهم اللي جوز نص عيالة ومش عارف يجوز النص النص التاني .. واللي عنده حفيد عيان بيجري بيه في المستشفيات.. القصد ما ينفعش تطلب منهم حاجة.. ده الواجب إن أنا أساعدهم.. بعد عشرة أيام قلت للحاجة لازم أنزل الشغل.. حلفت عليا وقعدت تصرخ وتقول إني لو نزلت ح أموت منها .. وبصراحة أنا ما كنتش قادر أنزل بس قلت لها ح أقعد على القهوة ساعة ..أغير جو علشان حاتخنق..ونزلت دورت العربية وقلت ياربنا يا رزاق..فضلت ماشي لغايه ما وصلت عند جنينة الأورمان ولقيت عربيه بيجو 504 عطلانة والسواق بتاعها بيشاورلي..وقفت.. قرب مني وقالي معايا واحد عربي طالع المطار تاخده علشان علابيتي عطلت؟ واخد بالك من حكمة ربنا؟ عربيه 504 خالتها بريمو , عطلت!!.. قلت أوصله.
ركب معايا الزبون..طلع من عمان, من عند السلطان قابوس سألني تاخد كام قلت اللي تجيبة.. أكد على.. اللي حادفعه هاتاخده..قلت ماشي.
وأنا في الطريق عرفت نه رايح قرية البضائع علشان عنده حاجة حيخلصها..فعرفته إن حفيدي بيشتغل هناك وإنه ممكن يساعده في تخليصها من الجمرك..قالي ماشي..وبالفعل رحت ولقيت حفيدي هناك ورديته..خد بالك هنا إن أنا طبعا كان ممكن ما ألاقيهوش..خلصنا الحاجات اللي عاوزيخلصها ورجعته الدقي.
سألني حتاخد كام يا حاج؟
قلت إحنا إتفقنا ,اللي تجيبه, فراح مديني 50 جنيهخدتهم وشكرته ودورت العربية.. سألني راضي, رديت وقلت راضي.
قال بص يا حاج..الجمرك كان المفروض يبقى 1400 جنيه أنا دفعت 600 جنيه. يعني الفرق 800 جنيه دول طالعين من ذمتي, يعني حلالك و200 جنيه أجرة التاكسي.. آدي 1000 جنيه والخمسين اللي معاك هديه مني!
شفت يا أستاذ.. يعني مشوار واحد جابلي ألف جنيه ممكن أشتغل شهر و ما أجيبهوش.. شوف ربنا نزلني من بيتي وعطل العربية ال504 وأوجد كل المسببات علشان يرزقني الرزق ده..أصل الرزق ده مش بتاعك والفلوس دي مش بتاعتك, كله بتاع ربنا.. دي الحاجة الوحيده اللي اتعلمتها في حياتي.
نزلت من التاكسب آسفا فقد كنت أتمنى لو جلست معه ساعات وساعات أخرى ولكن للأسف كان لدي أنا أيضا موعد في سلسلة الجري المستمر وراء الرزق.
لو عجبتكم انشروها
الكتاب (#تاكسي - #حواديت #المشاوير )
الكاتب (#خالد_الخميسي)
القصة الأولى
يا إلهي!.. كم عمر هذا السائق؟ وكم عمر هذه السيارة؟ لم أصدق عيني عندما جلست بجانبه.. فإن عدد الكرمشات في وجهه بعدد نجوم السماء . تضغط كل كرمشة على الأخرى ب (حنية), وتصنع وجها مصريا نحته ((مختار)). أما يداه التان تضغطان على المقود فإنهما تتمددان وتنكمشان عبر شرايينها البارزة وكأن شرايين النيل تغذي الأرض اليابسة, مع رعشة خفيفة لا تحرك المقود يمينا أو يسارا ,فالسيارة تسير ثابتة إلى الأمام وتصدر من عينية المغطتينبجفنين عملاقين حالة سلام داخلي تبعث في وفي الدنيا الطمأنينة.
شعرت - بمجرد الجلوس إلى جانبه بفعل مجال مغناطيسي يصدرة -أن الحياه بخير. وتذكرت لسبب مجهول شاعري البلجيكي المفضل ((جاك بيرل)), وكم كان مخطئا عندما كتب قصيدتة الشهيرة وغناها تقول :((ما أحلى الموت مقارنة بالشيخوخة, وأن الموت بأي طريقة أفضل بكثير من الكبر)). لو جلس بيرل بجانب هذا الرجل كما أفعل أنا الآن لمسح قصيدتة (بأستيكة).
أنا: حضتك أكيد بتسوق من فترة طويلة.
السائق: أنا بسوق التاكسي من سنة 48.
لم أتصور أنه ييمارس مهنة قيادة سيارات الأجرة منذ قرابة ستين عاما.. لم أجرؤ على سؤالة عن سنه, ولكن وجدت نفسي أسأله عن النتيجة.
أنا: وإيه يا ترى خلاصة خبرتك اللي ممكن تقولها لواحد زيي, علشان أتعلم منها.
السائق: نملة سوداء على صخرة سوداء في ليلة حالكة الظلمة يرزقها الله.
أنا: قصدك إيه؟
السائق: أحكيلك حكاية حصلت لي الشهر ده علشان تفهم قصدي.
أنا: أرجوك.
السائق: عييت لمدة 10 أيام عيا شديد, ماكنتش قادر أتحرك من السرير , وأنا طبعا على باب الله يعني يوم بيومه معايا..
بعد أسبوع ماكنش فيه في البيت ولا مليم .. أنا عارف ومراتي مخبيه علي.. أقول لها هانعمل إيه يا ستي تقوللي الخير كتير يا أبو حسين وهي عماله تشحت الأكل من الجيران .. وأنا طبعا ولادي فيهم اللي مكفيهم اللي جوز نص عيالة ومش عارف يجوز النص النص التاني .. واللي عنده حفيد عيان بيجري بيه في المستشفيات.. القصد ما ينفعش تطلب منهم حاجة.. ده الواجب إن أنا أساعدهم.. بعد عشرة أيام قلت للحاجة لازم أنزل الشغل.. حلفت عليا وقعدت تصرخ وتقول إني لو نزلت ح أموت منها .. وبصراحة أنا ما كنتش قادر أنزل بس قلت لها ح أقعد على القهوة ساعة ..أغير جو علشان حاتخنق..ونزلت دورت العربية وقلت ياربنا يا رزاق..فضلت ماشي لغايه ما وصلت عند جنينة الأورمان ولقيت عربيه بيجو 504 عطلانة والسواق بتاعها بيشاورلي..وقفت.. قرب مني وقالي معايا واحد عربي طالع المطار تاخده علشان علابيتي عطلت؟ واخد بالك من حكمة ربنا؟ عربيه 504 خالتها بريمو , عطلت!!.. قلت أوصله.
ركب معايا الزبون..طلع من عمان, من عند السلطان قابوس سألني تاخد كام قلت اللي تجيبة.. أكد على.. اللي حادفعه هاتاخده..قلت ماشي.
وأنا في الطريق عرفت نه رايح قرية البضائع علشان عنده حاجة حيخلصها..فعرفته إن حفيدي بيشتغل هناك وإنه ممكن يساعده في تخليصها من الجمرك..قالي ماشي..وبالفعل رحت ولقيت حفيدي هناك ورديته..خد بالك هنا إن أنا طبعا كان ممكن ما ألاقيهوش..خلصنا الحاجات اللي عاوزيخلصها ورجعته الدقي.
سألني حتاخد كام يا حاج؟
قلت إحنا إتفقنا ,اللي تجيبه, فراح مديني 50 جنيهخدتهم وشكرته ودورت العربية.. سألني راضي, رديت وقلت راضي.
قال بص يا حاج..الجمرك كان المفروض يبقى 1400 جنيه أنا دفعت 600 جنيه. يعني الفرق 800 جنيه دول طالعين من ذمتي, يعني حلالك و200 جنيه أجرة التاكسي.. آدي 1000 جنيه والخمسين اللي معاك هديه مني!
شفت يا أستاذ.. يعني مشوار واحد جابلي ألف جنيه ممكن أشتغل شهر و ما أجيبهوش.. شوف ربنا نزلني من بيتي وعطل العربية ال504 وأوجد كل المسببات علشان يرزقني الرزق ده..أصل الرزق ده مش بتاعك والفلوس دي مش بتاعتك, كله بتاع ربنا.. دي الحاجة الوحيده اللي اتعلمتها في حياتي.
نزلت من التاكسب آسفا فقد كنت أتمنى لو جلست معه ساعات وساعات أخرى ولكن للأسف كان لدي أنا أيضا موعد في سلسلة الجري المستمر وراء الرزق.
لو عجبتكم انشروها
